قراءة في الانتهاكات التركية ومحاولاتها ضرب عملية الاستقرار و البنى الديمقراطية في مناطق الإدارة الذاتية منذ مطلع العام ٢٠٢٢ م

قراءة في الانتهاكات التركية ومحاولاتها ضرب عملية الاستقرار و البنى الديمقراطية في مناطق الإدارة الذاتية منذ مطلع العام ٢٠٢٢ م

– إن التصعيد المتواصل من قبل الحكومة التركية ضد مناطق الإدارة الذاتية منذ بداية تشكيل الإدارة، و العمليات العسكرية التي نفذتها ضد تلك المناطق، و الانتهاكات المباشرة والخرق العلني لكل اتفاقيات وقف إطلاق النار التي أبرمتها كل من الولايات المتحدة وروسيا بشكل منفصل مع تركيا، ومنذ آخر عملية عسكرية شنتها مع الفصائل المرتزقة المنضوية تحت امرتها، كان لابد أن يترجم كل ذلك إلى قضية واحدة قبل أي شيء، وهي قضية ” إنهاء استقرار المنطقة و البنى الديمقراطية المتشكلة فيها”، الى جانب تطبيق مخطط التهجير والتغيير الديمغرافي والتلاعب بالهندسة السكانية وضرب النسيج الاجتماعي.

فمن العمليات العسكرية لضرب وحدة مناطق الإدارة الذاتية و التنوع المجتمعي فيها و انتهاءا بالقصف المتتالي بالمدفعية و الصواريخ و الهاون على طول الحدود بشكل مستمر، إضافة لتسيير الطائرات المسيرة في ضمن مناطق الإدارة الذاتية، واستهداف المواطنين والبنية التحتية ما هو إلا تأكيدا على نيتها لضرب الاستقرار و بالتالي محاولة إفشال التجربة الديمقراطية المتمثلة بالإدارة الذاتية في سوريا وكذلك العمل على تغيير ديموغرافيا المناطق التي قامت باحتلالها، والذي من شأنه أن يحدث الكثير من القضايا الخلافية واثارة الفتنة فيما بين الشعوب مستقبلا وبالتالي التخطيط لعدم الاستقرار الاستراتيجي، كما أن وجود هذا الكيان الديمقراطي(الادارة الذاتية) يمثل تجربة ناجحة قد تنتقل إلى الداخل التركي، وهذا ما أدى إلى محاولة ضربها لترسيخ فكرة فشل هذه النظرية.

– كما تنوعت خيارات ضرب الاستقرار لدى الحكومة التركية، فقد بدأت سابقا بالتحريض وفتح الممرات لأرهابيي العالم ونقلهم إلى سوريا وتوجيههم لتحقيق طموحاتها الاستعمارية، وكذلك تخللها التدخل المباشر بعد هزيمة هذه العناصر الجهادية و فشل مخططاتها، وثم حمايتهم واقامة منطقة آمنة لنشاطاتهم الارهابية و انتهاء باللعب بأوراق ضغط كاللاجئين السوريين في تركيا و احتلالها لمناطق أخرى، و أخيرا توجيه ضربات جوية بالطائرات المسيرة والقصف بالقذائف المدفعية و الصواريخ و الهاون على طول الحدود و عمقه.

والجدير بالذكر أن الكثير من العمليات التركية قديما وحديثا كانت تتزامن مع تحركات الخلايا الإرهابية لداعش!!، و كذلك مؤخرا ففي بداية هذه السنة عام ٢٠٢٢ وتحديدا ٢٠ كانون الثاني حيث كانت أحداث سجن غويران، وتمرد عناصر داعش داخل السجن الذي استمر لمدة ٦ أيام، أسفر عن استنفار أمني و عسكري لمواجهة هذا التمرد، والتفرغ لمواجهته، لتتزامن هذه الأحداث مع خروج طائرات تركية مسيرة وضرب مناطق الجزيرة وتحديدا ناحية “زركان” التابعة للحسكة، وذلك لتشتيت العملية الأمنية في السجن و إفساح مساحات و فراغات أمنية في صفوف القوات التي تحاول وقف التمرد الى جانب محاولتها فتح ممرات لتهريب قادة داعش وبالفعل وصل عدد منهم لمناطق تحتلها تركيا بالتحديد الى بلدة رأس العين.

علاوة على ذلك فقد تحركت خلايا داعش في كل المناطق بتنسيق واضح في ذات الوقت من أحداث سجن غويران و الهجمات التركية، فقد كانت عمليات خلايا داعش في كل من مناطق دير الزور و الرقة و منبج واضحة التزامن.

كما أن أعمال الشغب في مخيم الهول لعدة مرات مؤخرا، و تزامنها مع الاستهداف التركي بالطائرات المسيرة لقرية “عين ديوار” التابعة لديريك “المالكية” كان كفيلا لتثبيت هذه السياسة الرافضة للاستقرار و تثبيت التعامل والتعاون مع الخلايا الإرهابية.

و كانت آخر المؤشرات الحيوية بهذا الصدد هو تلك الضربات المتفرقة بالطائرات المسيرة على كل من مناطق الجزيرة و كوباني، لأكثر من ستة مرات، وكذلك القصف المدفعي و الصاروخي و قذف الهاون، حيث تم استهداف تل رفعت، وتتالت الضربات على كوباني و أخيرا ضربات مدفعية وصاروخية على محيط ريف منبج الشمالي و الشمال الغربي، وكان كل ذلك يترافق مع حجج و تبريرات واهية و اتهامات كاذبة للتبرير، رغم النفي الرسمي و المستمر للإدارة الذاتية لها.

 

إن عملية التأهيل الإجتماعي و دعم الاستقرار بكل نواحيه يتطلب وجود الاستقرار الأمني قبل أي عملية استقرار أخرى، لكن كما شهدنا فتوجه تركيا بعملياتها و ارهابها المستمر ما هو إلى رسالة واضحة مفادها أن المنطقة غير مستقرة و أن التغييرات واردة في المستقبل و أن الإدارة الذاتية غير قادرة على تأمين الأمن اللازم، لكن كل هذه الرسائل باتت مكشوفة من خلال تضحيات أبناء الإدارة الذاتية ودفاعهم عن مناطقهم ومن خلال ما شهدته المناطق التي سيطر عليها الاحتلال ومرتزقته مثل جرابلس و الباب وعفرين و سري كاني( رأس العين) وكري سبي( تل أبيض)، فقد كانت أولى مؤشرات الحياة هو عدم وجود استقرار و أمن داخل تلك المناطق، وهي ذات الفكرة التي تنتهجها الحكومة التركية المتمثلة بضرب عمليات الاستقرار في سوريا و إطالة أمد الأزمة السورية لتحقيق مطامحها الاستعمارية ومشروعها التخريبي.

المركز الإعلامي #لمجلس_منبج_العسكري