بطولة مقاتلي (قسد) في حملة تحرير منبج

0

منبج المدينة التي تقع على بعد ٣٠ كم ٢ غربي نهر الفرات، في الجهة الشمالية الشرقية لمدينة حلب، والتي تبعد عنها مسافة ٩٠ كم ٢.

في الـ ١٩ من تموز / يونيو ٢٠١٢ خرجت المدينة عن سيطرة النظام ، لتعيش المدينة حالة من الفوضى والفلتان الأمني والذي استمر حتى سيطر تنظيم داعش الإرهابي عليها في الـ ٢٤ من كانون الثاني / يناير ٢٠١٤ ،حيث لاذت بالفرار كل تلك الفصائل المنطوية تحت راية ما يسمى بــ ” الجيش السوري الحر” ،لتترك المدينة وأهلها تحت سيطرة التنظيم المتطرف والذي بدأ مقاتليه ومرتزقته بالتوافد الى المدينة عبر بوابة تركيا.

الصرخات التي  نادى بها أبناء مدينة منبج لتحريرهم جعلت مقاتلوا مدينة منبج في قوات سوريا الديمقراطية يعلنون تشكيل مجلس منبج العسكري الذي ضم تحت رايته كتائب شمس الشمال ولواء جند الحرمين وكتائب ثوار منبج كون مقاتليها هم من مختلف مكونات مدينة منبج ( عرب – كورد – تركمان ).

في الأول من حزيران 2016 أعلن مجلس منبج العسكري، بمؤازرة ودعم من قوات سوريا الديمقراطية البدء بحملة تحرير مدينة منبج وريفها من تنظيم “داعش” الإرهابي، وتمكنت خلال شهرين من تحرير كامل الريف وفرض الطوق على مرتزقة تنظيم “داعش” داخل المدينة.

وبعد بدء الحملة بأربعة أيام في الرابع من حزيران أصيب القيادي في مجلس منبج العسكري وقائد كتائب شمس الشمال ” فيصل أبو ليلى ” أثر استهدافه بصاروخ موجه في قرية خفية أبو قلقل، وفي الخامس من حزيران استشهد متأثراً بإصابته، وقد سميت الحملة بإسمه ( حملة الشهيد فيصل أبو ليلى ).

بعد فرض الطوق كانت هنالك بعض المحاولات اليائسة من قبل تنظيم داعش لفك الحصار وذلك عن طريق السيارات المفخخة وارسال انتحارييّن وكذلك الهجوم من قبل تركيا عبر حدودها على قسد من أجل تخفيف الضغط على داعش.

خلال معارك تحرير المدينة، استخدم المرتزقة المدنيين دروعاً بشرية لهم، وهذا ما جعل قوات سوريا الديمقراطية تتوخى الحذر في عملياتها، حفاظاً على أرواح المدنيين. لكنها فتحت ثغوراً في الأحياء؛ تمكن المدنيون من خلالها الإفلات من الحصار المفروض عليهم من قبل مرتزقة “داعش” والوصول إلى نقاط قوات سوريا الديمقراطية.

أبدى مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري، آيات من المقاومة والبطولة خلال سير المعارك، في الريف وداخل المدينة. كيف لا وأغلب المقاتلين من أبناء المدينة أنفسهم، فهم بالدرجة الأولى كانوا يقاتلون لرفع الظلم عن أهاليهم. وكم كانت لحظة لقاء الأهالي بالمقاتلين مدهشة، فهم كانوا يتطلعون إلى الخلاص من التنظيم الإرهابي على أيديهم فقط، وكل من كان يصل إلى قوات سوريا الديمقراطية يعتبر نفسه قد ولد من جديد.

في المقابل انشغل قسم كبير من المقاتلين في إجلاء الأهالي وتقديم الطعام والشراب لهم، وخاصة الأطفال، بعد أن فرض مرتزقة “داعش” سياسة التجويع على الأهالي وحرمهم من كل شيء. ولقد قدمت قوات سوريا الديمقراطية العديد من الشهداء أثناء عملية إجلاء وتحرير الأهالي. كما أقامت القوات العسكرية مركز إيواء مؤقتة للأهالي، بعيداً عن المعارك التي كانت على أشدها داخل المدينة، ليعودوا إليها ريثما يتم تحرير كامل المدينة. وكم كانت فرحة الأهالي كبيرة بعد تحريرهم من استبداد التنظيم الإرهابي، حتى العديد من النسوة استبدلن ثيابهن السوداء التي فرضها التنظيم عليهن، فيما التحق المئات من شباب المدينة بصفوف مجلس منبج العسكري، ولا زالوا يواصلون عملهم ضمن صفوفه في حماية المدينة وأهلها من كل التهديدات.

لم يكن تحرير المدينة بتلك السهولة التي يتوقعها البعض، فالمدينة كانت مكتظة بالمدنيين، إلى جانب المرتزقة، واقتحام أي حي من أحيائه، كان يتطلب اتباع تكتيكات عسكرية دقيقة – وهذا ما برع فيه قيادات ومقاتلو قوات سوريا الديمقراطية – لجهة عدم وقوع ضحايا بين صفوف المدنيين، خاصة وأن مدينة منبج كبيرة. فاتبعت قوات سوريا الديمقراطية تكتيك “الخطوة خطوة” وتطهير حي بعد آخر، عبر فرض الطوق على المرتزقة، وشل قدرتهم القتالية، حتى أن العشرات منهم سلموا أنفسهم، وآخرون حوصروا في أحياء على أطراف المدينة، إلى أن قبلوا الاستسلام لقوات سوريا الديمقراطية في آخر حي بالمدينة وهو “السرب”.

حملة تحرير منبج، كانت ملحمة تاريخية سطرها مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية، الذين خاضوا المعارك بإرادة وعزيمة لا تقهر، تلك المعارك التي أضافت خبرات وتجارب جديدة للمقاتلين وزادتهم قوة وبأساً، ليحققوا انتصارات كبيرة في قتال التنظيم الإرهابي، حيث أنها مهدت الطريق أمامهم لتحرير باقي مناطق شمال وشرق سوريا، مثل العاصمة المزعومة له “الرقة” ودير الزور.

حاولت دولة الاحتلال التركي عرقلة عملية تحرير مدينة منبج، إلا أن إرادة قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري، وقبلها إرادة أهالي منبج، وقفت ضد كل التدخلات التركية التي كانت تسعى لديمومة سيطرة التنظيم الإرهابي على المدينة، فتوجت الحملة بتطهير كل أحياء المدينة وريفها من عناصر التنظيم الإرهابي، ومباشرة دعت القوات العسكرية الأهالي للعودة إلى منازلهم، بعد أن تم تنظيفها وتطهيرها من الألغام والمفخخات التي زرع فيها عناصر التنظيم الإرهابي.  

قدمت قوات سوريا الديمقراطية أكثر من 500 شهيد وشهيدة من شابات وشبان منبج وأبناء الجزيرة، بعربها وكوردها وتركمانها وشركسها، منهم قائد الحملة الشهيد “فيصل أبو ليلى”، حيث أطلق اسمه على الحملة بعد استشهاده.

استغرقت حملة تحرير مدينة منبج شهرين ونصف تقريباً، ليتم الإعلان عن تحرير المدينة بشكل نهائي في الـ 15 أغسطس/ آب عام 2016، ولا يزال أهالي منبج يحتفلون في الخامس عشر من آب/أغسطس من كل عام بذكرى تحرير مدينتهم من ظلام الإرهاب ليؤكدوا مرةً تلوا الاخرى ان منبج بقيت وستبقى عصيةً على أعداء السلام والإنسانية.

وقد خاض مجلس منبج العسكري عدة معارك، أولها كانت معركة التحرير والثانية معركة الاستمرار اما الثالثة لا زالت مستمرة وهي معركة الصمود ضد كل التهديدات التي تصدر من الاحتلال التركي ومرتزقته ومن تلك الأصناف التي تتموضع عبر التقلبات السياسية.

المركز الإعلامي لمجلس منبج العسكري

Leave A Reply

Your email address will not be published.